خطاب الرئيس التنفيذي

بسم الله الرحمن الرحيم

يسرني أن أقدّم إليكم التقرير السنويّ للمؤسسة لسنة 2021.

إذ تطلّ علينا سنة جديدة في الأفق، نفكّر في التحدّيات، والفرص، والتقدّم المحرز في البلدان الأعضاء التي دعمناها خلال سنة 2021. فمن تقديم التمويل الذي تشتد الحاجة إليه إلى تقديم المساعدة الفنية دعمًا للأعمال المتعثّرة، انصبّت أولوياتنا على مساعدة الأشخاص على التعافي وبناء القدرة على الصمود في السنة الثانية من أزمة صحية عالمية.

وعلى الرغم من التحديات التي نواجهها، فقد أحرَزنا تقدّما في تقديم حلول مخصّصة للقطاع الخاص. وفي سنة 2021، بلغ إجمالي اعتمادات المشاريع 243.60 مليون دولار أمريكي، إذ ساهم التمويل الآجل وخط التمويل مساهمة كبيرة بحصة 50.08% و43.51% على التوالي بمبلغ مجمّع قدره 228.00 مليون دولار أمريكي. وهذا يتّسق مع التزامنا بتوجيه الموارد لتحسين الخدمة المقدّمة إلى المستفيدين النهائيين، ولا سيما المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وفي الوقت نفسه، استحوذت المشاريع السّهميّة على النسبة المتبقية من مجموع الاعتمادات، البالغة 6.40%. وبذلك يبلغ حجم الاعتمادات التراكمية منذ إنشاء المؤسسة 7.08 مليار دولار أمريكي. وصرَفنا أيضًا 208.71 مليون دولار أمريكي، وهو تحسّن صحي مقارنة بالسنة الماضية 135.48 مليون دولار أمريكي، مع تخصيص الحصة الكبرى للقطاعات الشديدة التأثير، مثل التمويل (62.25%)، والنقل (19.17%)، والطاقة (13.80%)، والصناعة والتعدين (4.79%). وإجمالا، بلغت نسبة المصروفات إلى الاعتمادات 85.68%، أي ما يقرب من ضعف نسبة السنة السابقة.

معلومات محدّثة عن تصدي المؤسسة لجائحة كوفيد-19

كما تعلمون، خصّصت المؤسسة في أبريل 2020 ما مقداره 250 مليون دولار أمريكي للتمويل الطارئ لمساعدة الشّركات المتضررة من الجائحة. وفي نهاية سنة 2021، تلقّت المؤسسة، في إطار الحزمة الخاصة للتصدي لكوفيد-19 ، ما مجموعه 25 طلب تمويل رسمي من أكثر من 20 بلدا عضوا بقيمة تفوق 300 مليون دولار أمريكي. واعتُمد في إطار هذه الخطة حتى الآن ما مجموعه 12 خط تمويل بقيمة 169.2 مليون دولار أمريكي، وصُرف 72.9 مليون دولار أمريكي. وإضافة إلى ذلك، اعتُمدت معاملتان سهميّتان بقيمة إجمالية قدرها 19.2 مليون دولار أمريكي. وبخصوص المستقبل، نتعهد بمواصلة توجيه مواردنا بكفاءة وتقديم دعم حاسم للعلماء الأكثر تضررا من التأثيرات الاقتصادية للجائحة.

دعم الحلول المبتكرة

أدت أزمات من قبيل النزاعات وتغيّر المناخ، في بعض البلدان التي نعمل فيها، إلى تفاقم المحن الاقتصادية الحالية. وشهدت سنة 2021 إنجاز برنامج مساعدة المنشآت ذات القيمة المضافة على الصمود لفائدة النساء في نيجيريا، الذي حقّق منجزات جديرة بالثناء، إذ ساعد التدريب المتخصّص في مجال الأعمال والدعم المالي المنشآت التي تقودها النساء على تحسين قدرتها على الصمود والاضطلاع بدور محرّك الابتكار، والنمو، وتشغيل المزيد من النساء. ووقّعنا أيضًا ثلاثة تكليفات استشارية جديدة تشمل عملية إدارة المسؤولية في المالديف وإصدارين مفتوحين لاحقين، مما ساعد هذا البلد على التخفيف من مخاطر إعادة التمويل القصير الأجل وضمان مسار ثابت له نحو الانتعاش. وفي المجموع، تمكّنت المؤسسة من جمع 5.2 مليار دولار أمريكي من سوق الصكوك في سنة 2021، فاحتلت بذلك المراكز الأولى (المركز الثالث عشر) على جداول مؤسسة بلومبرغ للصكوك الدولية والصكوك الدولية الصادرة بالدولار الأمريكي.

إقامة الشراكات

يستلزم بناء منظومات تشترك في الغرض والمبادئ وتقدّم سلوك نهج أكثر تنسيقا. ففي سنة 2021، حققت المؤسسة تآزرا مهما في الأعمال مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، والمؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، إذ أنشئت لجنة تنسيق فني غايتها تعزيز البيع المتقاطع وتقاسم الصفقات. وقد كان لي شرف رئاسة اجتماعات الرؤساء التنفيذيين للمؤسسات الأعضاء في اللجنة لسنة 2021. وإنني أفخر بما حقّقنا من إنجازات خلال السنة من حيث المشاريع، وقوائم الصفقات المشتركة، والاعتمادات. وفي نهاية السنة، مكنت لجنة التنسيق الفني الكيانات من الاشتراك في أكثر من 35 صفقة تبلغ قيمتها الإجمالية 1.8 مليار دولار أمريكي في 19 بلدا عضوا. وإضافة إلى ذلك، استثمرت الكيانات أيضًا في تسع معاملات صكوك تفوق قيمتها الإجمالية 617 مليون دولار أمريكي.

وعلى الصعيد الخارجي، واظبنا على التواصل مع العديد من الجهات المعنية، الجديدة منها والقديمة، تعزيزًا للتعاون وتقويةً للالتزامات في التصدي للقضايا العالمية وابتكار حلول متعددة الأوجه. ويشمل ذلك، على سبيل المثال، توقيع اتفاقات مع البنك الماليزي للتصدير والاستيراد، والبنك السعودي للتصدير والاستيراد، وبنك تنمية التجارة بشأن تقاسم قوائم المشاريع والتمويل المشترك والعديد من المشاورات وحلقات العمل الاستراتيجية مع مؤسسات تمويل التنمية، والبنوك الإنمائية المتعددة الأطراف، والمؤسسات المالية الإسلامية، ومنها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ومؤسسة التمويل الدولية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وصندوق التنمية الوطني وصندوق الاستثمارات العامة بالمملكة العربية السعودية بشأن فرص تعزيز التعاون.

تتبّع تأثيرنا الإنمائيّ

على صعيد الاستدامة، كان للجائحة تأثير إيجابي في رحلتنا المستمرة نحو تحقيق الاستدامة، إذ ألهمتنا لإعادة تقييم ما هو مهم لنا، ودورنا في تدبير قضايا كبرى في جميع أنحاء العالم. وبطبيعة الحال، لدينا جذور عميقة في المجتمعات التي لدينا حضور فيها، ونعمل باستمرار مع الشركاء لتحسين ظروف العيش والنهوض بالتنمية المستدامة. وقد كشفت نتائج دراستنا الاستقصائية السنوية الأخيرة بشأن الفعالية الإنمائية أنّ عملاء المؤسسة وشركاءها دعموا أكثر من 74,000 وظيفة، في حين استفاد ما مجموعه 4,742 منشأة صغيرة ومتوسطة من أنشطة المؤسسة التمويلية. وأثمرت المشاريع التي تدعمها المؤسسة أيضا مبيعات تصدير وولدت عائدات ضريبية بلغ مجموعها 74.49 مليون دولار أمريكي و72.83 مليون دولار أمريكي على التوالي في البلدان الأعضاء، وأُنفق 2.31 مليون دولار أمريكي على تنمية المجتمعات المحلية.

كدليل على التزامنا الراسخ بالنهوض ببرامج الاستدامة، انضمت المؤسسة إلى المجلس الاستشاري المالي لأهداف التنمية المستدامة للمجالس العالمية المعنية بأهداف التنمية المستدامة في سبتمبر 2021.

ومن دواعي فخري أيضًا أن أعلمكم أنّ المؤسسة انضمّت، تبيانا لالتزامنا الثابت بالنهوض بخطّة الاستدامة، إلى المجلس الاستشاري المعني بتمويل أهداف التنمية المستدامة للمجالس العالمية المعنية بأهداف التنمية المستدامة، في سبتمبر 2021. وتهدف المجالس العالمية المعنية بأهداف التنمية المستدامة إلى إبراز أفضل المناهج والأفكار التي فحصها المهنيون الممارسون. وقد خُصّص لكل هدف مجلس واحد، ويمثل أعضاء المجالس شبكةً فريدةً متعددةَ التخصّصات من صانعي القرار الدوليين. وتعمل المجالس أولاً على تحديد العقبات الرئيسية التي تحول دون تحقيق النتائج المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة على الصعيدين الوطني والعالمي، ثم الحلول -السياسات، والتكنولوجيات، والموارد المحتمل تخصيصها- لتمهيد السبيل لإحراز التقدم نحو سنة 2030. وبدخول مرحلة جديدة في الفترة 2021-2023، ستساعد المؤسسة، بصفتها عضوا في المجلس الاستشاري المعني بتمويل أهداف التنمية المستدامة، على تصميم المبادرات التي أطلقتها مجالس أخرى معنية بأهداف التنمية المستدامة، وتنفيذها، وتوسيع نطاقها من خلال منحها فرصة الاستفادة من المعرفة وشبكات الأعضاء، وتعبئة مصادر التمويل ابتغاء تحقيق النواتج المستهدف بلوغها من هذه المبادرات وتحسينها.

الاستثمار في موظفينا

شهدت سنة 2021 أيضًا اختتام عمليتنا المتعلقة بإعادة الهيكلة الشاملة للمؤسسة، التي بدأت في سنة 2019 في إطار التنفيذ المستمر لاستراتيجية المؤسسة المحدثة. إن رأس المال البشري، باعتباره المساهم الأكثر أهمية في أعمالنا، لا يتعلق ببناء قوة عاملة منتجة وماهرة فحسب، ولكن أيضًا بتمكينها من إدارة ما ينشأ من مخاطر وفرص. لقد عملنا بجد في سبيل تعزيز بيئة داعمة تتيح للعاملين في المؤسسة تلبية احتياجات المؤسسة وتحقيق تطلعاتها بسلاسة، مع إعطاء القيمة لنموهم الشخصي والمهني. وأعتقد أن هذا المخطط الجديد سيمكننا من التركيز على المجالات الرئيسية اللازمة لإحداث تحوّل في مؤسستنا بقصد تحقيق نجاح أكبر.

المستقبل أفضل

في الوقت الذي نواصل فيه تلمّس طريقنا في الوضع الطبيعي الجديد، سيشهد المستقبل تحقيقنا نموا أقوى وأفضل، حتى لو استمر عدم اليقين على الصعيد العالمي. وعلى المدى الطويل، نهدف في المؤسسة إلى إحداث تغيير منهجي في كيفية مشاركة القطاع الخاص في خطة التنمية العالمية، إذ لا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به. وهذه هي اللحظة المناسبة لاستخدام قدرتنا الفريدة على العمل عبر الحدود، والربط بين رأس المال والأشخاص والأفكار وأفضل الممارسات، على الصعيدين المحلي والعالمي.

وأودّ أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب بصدق عن تقديري وخالص عرفاني لرئيس مجموعتنا السابق، معالي الدكتور بندر حجار، على توجيهاته القيمة خلال سنوات خدمته المتميزة. وأرجو له موفور التوفيق والنجاح في مساعيه المستقبلية. وإلى رئيس مجموعتنا الجديد معالي الدكتور محمد الجاسر، أود أن أؤكد ثقتي من أن قيادته القوية سترتقي بمجموعة البنك الإسلامي للتنمية إلى آفاق جديدة. كما أؤكد على التزام المؤسسة بتقديم أقصى قدر من الدعم والتفاني في تحقيق التطلعات الجديدة والمحدّدة لمجموعة البنك. ونتطلع في المؤسسة إلى المشاركة في كل خطوة على الطريق بقوة متجدّدة. وأودّ أن أشكر مجلس الإدارة وأعبر عن امتناني لدعمكم المستمر والحاسم في تحقيق نجاحاتنا الكثيرة.

وإلى عائلة المؤسسة بأكملها أقول: لنلتزم بالعمل على تحقيق هدفنا ومهمتنا المتمثلة في دعم القطاع الخاص وتطويره باعتباره محركا قويا للنمو الشامل والاستقرار. وأشعر بالفخر أمام بعض القصص التي تبيّن كيف ضمن زملائي استمرارية استثنائية للخدمة المقدمة لعملائنا في ظروف صعبة في كثير من الأحيان، ولا يساورني أدنى شك في أنهم سيستمرون في بذل جهد إضافي لإحداث فرق إيجابي.

أرجو لكم موفور التوفيق وكامل النّجاح في السنة المقبلة، إن شاء الله.

مع أصدق التحيات،

أيمن أمين سجيني
الرئيس التنفيذي للمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص